المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان - حقوق

  تدافع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

 
 

  Palestinian Human Rights Organization - PHRO

  Defending The Rights Of Palestinians Refugees in Lebanon

 
   

 

 

 

   

حوار لبناني ـ فلسطيني بين كسروان وعين الحلوة

المستقبل - الخميس 25 آب 2005 - العدد 2019 - شباب - صفحة 9

 

تغريد السميري

شباب لم تكشف انتماءهم وجنسياتهم، الكوفيات التي ألقوها على أكتافهم ولا حتى لهجاتهم، ولا صور "تشي جيفارا" ولا "حنظلة" الذي كان يتأرجح في سلاسل معظمهم. شباب استطاعوا أن يلقوا انتماءاتهم السياسية على اختلافها، وأن ينسوا الخلفيات الفكرية التي أتوا بها واستطاعوا بوقت يعد "قياسياً" أن يتدربوا في دائرة المجموعة من أجل التعرف على الآخر، ضمن نشاط نظمته بعض الجمعيات اللبنانية (مرصاد، مجمع الكنائس للخدمة الاجتماعية)، والفلسطينية (المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي عن طريق omsar (وزارة الإصلاح الإداري) تحت عنوان (الحوار اللبناني الفلسطيني لحل النزاعات).
زيارة إلى مخيم عين الحلوة وأخرى إلى إحدى قرى كسروان، قامت بها المجموعة التي تضم لبنانيين من مختلف التيارات السياسية والفكرية وفلسطينيين من المخيمات ينتمون إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، وآخرين من خارج المخيمات والفصائل. ترافقت الزيارتان مع حوار جريء استطاع كسر الجليد، وتقريب وجهات النظر بين "عين الحلوة" و"كسروان" اللتين تفصلهما ذكريات الحرب المؤلمة التي لا زال يعاني الطرفان اللبناني والفلسطيني تداعياتها.
"شباب" رافقت المجموعة وتعرض في هذا التحقيق مقارنة بين الزيارتين والنتائج التي خرج منها أعضاء المجموعة، بعد هذه التجربة.
الوصول:
عند الحاجز اللبناني على مدخل مخيم "عين الحلوة"، عيون شاخصة، تريد أن تقتحم سريعاً بفضولها صورة المخيم الأكثر "شراسة" بين المخيمات الفلسطينية في لبنان، على الأقل كما يقال عنه. بعد التحقق من الأوراق الثبوتية للشبان الموجودين في المجموعة، وتسجيل وقت دخول الباص، اجتزنا الحاجز اللبناني سقطت تلك النظرات وحلّت محلها تعابير يصعب وصفها، على وجوه أشخاص يزورون "عين الحلوة" للمرة الأولى.
في المخيم، كان علينا التنقل سيراً على الأقدام في زواريب المخيم لحين وصلنا إلى "الدار الفلسطينية للتراث" حيث تعرف أعضاء المجموعة إلى بعض شباب المخيم الذي سيرافقونهم في يومهم هذا. "عائد فلسطيني" هكذا اختار وسام التعريف عن نفسه، على عكس أصدقائه الذين اختاروا التعريف عن أنفسهم من خلال اختصاصهم الجامعية والجامعات التي يدرسون فيها، ولوحظ أيضا غياب الجزء المسيحي من الشباب لمصادفة توقيت الرحلة مع عيد انتقال السيدة العذراء. ولم تكن من اللوحات الفلكلورية والعرس التراثي الفلسطيني، إلا أن أدخلا الطمأنينة إلى قلوب الزوار، وأكدا أن لزغاريدهم و"خبطات أقدامهم" وجود، وليس فقط لأصوات الرشاشات والطلقات النارية.
الوصول والاستقبال والتعارف في "كسروان " كان مختلفاً كلياً، بطبيعة الحال لاختلاف الشباب الذين استقبلوا المجموعة. الطريق إلى كسروان كان خالياً من الحواجز ونسمات الجبل الباردة وأشجار السنديان والصنوبر تغنيك عن وجود فرقة تراثية لتشعرك بالارتياح، لأنك حتماً ستكتسبه من المشاهد الطبيعية التي أقل ما يقال عنها، أنها خلابة. في دير قرية عذراء الكسروانية، التقى أعضاء مجموعة الحوار بشباب القرية، وتلا اللقاء جلسة تعارفية بدت استفزازية بعض الشيء، حين اختار بعض الشباب التعريف بمسيحيتهم وانتمائهم السياسي قبل ذكر أسمائهم.
جولات تخللتها الزيارتان:
كان لا بد لزوار عين الحلوة للمرة الأولى أن يقوموا بجولة في زواريب المخيم التي اختار لها سكانها أسماء مدنهم الفلسطينية التي تهجروا منها فهنا حي "يافا" وهناك حي "صفوري" الذي يؤدي إلى سوق الخضار. وكانت المحطة الأخيرة في الجولة زيارة إلى المؤسسات والمراكز الاجتماعية، وإلى إحدى المستشفيات الموجودة داخل المخيم لتمكين المشاركين في الحوار من أخذ صورة كاملة عن وضع المخيم.
على المقلب الآخر، كانت الجولة استثنائية، في مكان استثنائي، خارج كسروان. ففي الطريق إليها توقف شباب الحوار في مخيم الضبية للاجئين الفلسطينيين للقاء شباب فلسطينيين من الطائفة المسيحية يقطنون مخيماً لا يشبه أياً من المخيمات الفلسطينية الأخرى.
في صالون الكنيسة، تعرف شباب الحوار على المخيم الذي لم يكن يعلم بوجوده معظمهم والذين تفاجأوا بأوضاعه. مخيم الضبية، الذي يمتد على مساحة 85 ألف متر مربع، يضم 3 آلاف نسمة: 60% منهم فلسطينيون و40% منهم لبنانيون (هذه الدراسة أجريت لصالح أحد مشاريع التخرج الجامعية) وتبقى الوحيدة في ظل غياب أي مؤسسة أو جمعية فلسطينية داخل المخيم الذي لا يحوي سوى مكتب صحي تابع للاونروا، وجوده رمزي ولا يقدم سوى "دواء منتهي المدة" والكلام لأحد سكان المخيم.
خرج المشاركون بانطباع مميز عن المخيم، فلا حاجز للجيش اللبناني على مداخله، ولا مظاهر للتسلح، ولا حتى مكاتب للفصائل الفلسطينية.
حوار بين عين الحلوة وكسروان:
في قاعة، هي صالة للأعراس ومركز للتنمية الاجتماعية في آن واحد، اجتمع الشباب الفلسطينيون واللبنانيون، للحوار الذي اتسم بوتيرة تصاعدية، وإطار حقوقي يناقش حقوق الفلسطيني في لبنان بعيداً عن النقاشات السياسية. في البدء كان الكلام لشباب عين الحلوة، الذين طالبوا بعدم وصفهم بـ"مصاصي الدماء" وأبدى بعضهم استغرابه من معاملة الجيش اللبناني "ليش إذا حرقنا دولاب بدنا ننحكم 5 سنين"، "لماذا يجب أن ينتظر الميت على الحاجز أكثر من ساعة ليخرج جثمانه من المخيم"، وأكدوا في نهاية حديثهم أن جيلهم تعلم من أخطاء من سبقوهم و"يجب عدم التدخل بالشؤون اللبنانية" وأن "مشكلتهم مع السلطة لا مع الشعب اللبناني".
أما المشاركون، والذين بمعظمهم يزورون المخيم للمرة الأولى، فرأوا أن انطباعاتهم عن المخيم ستكون مدخلاً جيداً للحوار مع أبنائه وشبابه. عباس ابن الجنوب شبّه المخيم بمعتقل الخيام وأكد أن حال مخيم "عين الحلوة" أفضل بكثير من حال بعض القرى المحررة من الجنوب. وتفاجأت الأكثرية بالمخيم "وجدناه أفضل بكثير مما كنا نتوقع" وانسحب هذا الرأي على معظم المحاورين الذين اعتبروا أن صورتهم المسبقة عن المخيم تبخرت بفعل هذه الزيارة.
في أحد غرف الدير، في قرية "عذراء" في كسروان، اجتمع المشاركون في الحوار مع القوات اللبنانية. الحوار كان جريئاً وحاداً أكثر بكثير من الحوار الذي أقيم في مخيم عين الحلوة، واشتد حدة حين لامس قضايا التوطين وسلاح المخيمات "فالمسيحي بخاف من سلاح الغريب" هكذا اختصر رودريغ موقف المسيحيين من سلاح المخيمات. أما أيلي فاعتبر أن إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية سوف يمهد للتوطين "إذا أخذ الفلسطيني حقو، بعمرو ما رح يفكر يرجع عبلادو"، واقترح أحد القواتيين حل مشكلة اللاجئين عبر (الترانسفير) "لبنان بلد كتير زغير، بفضل انو يتوزعوا الفلسطينيين على الدول العربية" ولم يخل الحوار من التذكير بأخطاء الحرب الأهلية كمجزرة الدامور التي رد عليها الفلسطينيون الموجودين بالتذكير في أحداث "الكارنتينا" الأمر الذي أضفى جواً صدامياً على الحوار ما استدعى تدخل المنظمين الذين أكدوا مرة أخرى أن الحوار يجب إبقاؤه ضمن الإطار الحقوقي.

 

 

 

 

 

 

Copyright © 2006 Palestinian Human Rights Organization - PHRO

Mar Elias Camp for Palestinian Refugees   P.O.Box: 114/5004

Beirut - Lebanon
info@palhumanrights.org   phro@palhumanrights.org

     Tel: 00961-1-306740  Tel-Fax: 00961-1-301549